صورة توضح الأماكن التي سيطرت عليها طالبان
صورة توضح الأماكن التي سيطرت عليها طالبان


مقاربات أمريكية صينية عابرة لـ«ألغام  الحزام والطريق» في أفغانستان

بوابة أخبار اليوم

الثلاثاء، 31 أغسطس 2021 - 05:58 م

كتبت:  وسام الشنهاب

 

يحتم مشروع الحزام والطريق الذي أعلنت عنه الصين، وجود مقاربات بين واشنطن وبكين، في عدد من الملفات في العالم، وتحديدا في منطقة آسيا.

 

ومنذ سقوط العاصمة الأفغانية كابول في أيدي طالبان، والبوصلة صوب رد الفعل الصيني مع تداعيات الأزمة.

 

في الوقت الذي أعلنت فيه أمريكا عن توافق الرؤي مع الصين، مدللة علي ذلك  بمخرجات جلسة مجلس الأمن الذي طالب بالإجماع تشكيل حكومة موحدة شاملة تضمن مشاركة، واسعة للنساء، شهدت العاصمة الأفغانية تفجيرات مركبة أعادت التساؤل حول إمكانية أن تصبح أفغانستان ثقباً أسوداً داخل القارة الأسيوية ، خاصة بالنسبة للصين التي تعول علي الدولة الحدودية في تنفيذ مشروع «الحزام والطريق»، كونها دولة مركزية توفر أقصر الطرق بين أسيا الوسطي وجنوب أسيا من جهة، وبين الصين والشرق الأوسط من جهة أخري.


التحديات والفرص


ووفقاً لورقة بحثية بعنوان «موقع الصين في أفغانستان بعد الانسحاب الأمريكي: التحديات والفرص»، الصادرة عن مركز الأمارات للسياسات، فإن صعود تنظيم داعش في شرق أفغانستان، ضمن «ولاية خراسان»، يشكل أحد مصادر القلق الصيني، لاسيما وأن التنظيم جاذب ل «مسلمي الايغور» المنشقين عن صفوف حركة طالبان.


وينبع القلق الصيني من إعادة إحياء حركة « تركستان الشرقية» المتشددة من الإيغور وسعيها إلي تحقيق استقلال إقليم «شينجيانغ»، يعزز من هذا القلق قيام واشنطن بإزالة الحركة من قائمة الأرهاب نوفمبر الماضي، وأرجعت ذلك في تصريحات لوزير الخارجية الأمريكي إلي عدم وجود دليل ملموس علي وجودها بحسب البحث، رغم تصريحات مضادة من جانب مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، شدد خلالها علي تنفيذ الحركة أجندة عابرة للحدود، لا تقف عند أفغانستان فحسب.


وفي تحليله حول المقاربات الأمريكية - الصينية، قال الدكتور بشير عبدالفتاح،الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن حالة عدم الاستقرار في كابول تضر بطريق الحرير، أو ترفع تكلفته على أقل تقدير، خاصة وأن كافة طرق الحرير غالباً تمر من أفغانستان، ما يفسر حرص الصين على بناء علاقات طيبة مع باكستان باعتبارها القوة الإقليمية الدافعة للاستقرار في أفغانستان.

                               خريطة تفاعلية للأماكن التي سيطرت عليها طالبان

 

  ممر واخان

 

جغرافياً.. تخرج 4 من شبكات طريق الحرير الـ 6  من الصين عبر  إقليم «شينجيانغ»، أو تمر من خلاله، بما في ذلك الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان، للربط بين الصين وروسيا ووسط وجنوب غرب أسيا حتي البحر الأبيض المتوسط، فيما أكد تقرير صادر عن الأمم المتحدة عن تواجد مقاتلي حركة «تركستان الشرقية» داخل مقاطعتي «داغستان» و«وردوج»، بـ«دخشان» التي تتصل بالصين عبر «ممر واخان» الضيق، وتتخوف الصين من أن يصبح معبر  المتشددين إلي  إقليم «شينجيانغ».


وبحسب الورقة البحثية ظلت الصين متمسكة بالدعوة نحو انسحاب "مسؤول ومنظم"، خشية ترك فراغ تظهر نتائجه سريعا في شينجيانغ، إلا أنها احتفظت بقواعد عسكرية في طاجكستان، بالقرب من «ممر واخان» لمنع وصول أي أسلحة أو مقاتلين إلي الصين.


وأكد أن القاعدة ضمنت حماية نوعية لبكين، غير أن رفع اسم «الحركة التركستانية» من قوائم الأرهاب يعزز من إمكانية استغلال أعداء الصين - واشنطن ونيودلهي - لذلك الأمر ومد يد العون للحركة لتغذية عدم الاستقرار داخل الصين في ظل التوتر المتصاعد مع هذه الدول.


الصراع الجيوسياسي حتم علي الدولة الأسيوية القيام بمراوغة سياسية، إذ أشار البحث إلي تبني الصين علاقات متوازنة - متعددة الأوجه-  بإقامة علاقات مع كل من الجانبين المتحاربين - طالبان والحكومة الأفغانية- لاسيما وأن تنامي «الحركة التركستانية» من شأنه أن يهدد الممر الصيني الأبرز لطريق الحزام والطريق، غير أن المراقبون شككوا من قدرة طالبان علي ردعها، خاصة مع انشقاق القوات الوطنية عنها مؤخرا، وانشغالها بحربها لإقامة إمارة إسلامية.


الصين وإيران


وخلصت الدراسة إلى سعي الصين نحو بناء علاقات قوية مع إيران وباكستان وطالبان إيمانا منها بأن هزيمة الأخيرة أصبح هدف بعيد المنال، وسعياً لضبط الحدود من خلال طالبان وباكستان بما يضمن استقرار إقليم شينجيانغ وبالتالي مشروع الحزام والطريق، خاصة مع تطلع حركة طالبان في الاشتراك في الحكم بعد أن فرضت سيطرتها علي أجزاء كبيرة من الدولة الأفغانية، لإدارة المفاوضات من منطلق قوة.


التنافس الجيوسياسي في أفغانستان بعد الانسحاب الأمريكي


 أكد البحث علي تشارك بيكين وواشنطن لرؤية استراتيجية حول حتمية منع تحول أفغانستان إلى ساحة حرب واسعة، تستخدم فيها الأسلحة النووية، بين الهند وباكستان،  بالإضافة إلي منع قيام حكومة تهيمن عليها حركة طالبان بشكل كامل، في وقت تحافظ فيه كل من الدولتين على علاقاتهما بطالبان، بنفس القدر الذي تسعى به الحركة للتوازن في مواقفها بين الصين والولايات المتحدة.


 عكس الاتِّساق في الأجندة الجيوسياسية بين الصين وأمريكا، تبدو الصين على النقيض من روسيا، ولفت البحث إلي سعي الصين نحو التوسع اقتصادياً عبر مشاريع الحزام والطريق وأمنياً عبر القاعدة العسكرية في طاجيكستان، غير أن تلك التحركات الصينية تتناقض مع رؤية روسيا لمنطقتي وسط وجنوب آسيا كدائرة نفوذ تاريخية للاتحاد السوفييتي، ورغم اتفاق الجانبين على اعتبار تنظيم الدولة الإسلامية أكبر خطر أمني بعد الانسحاب الأمريكي، إلا أنه من المتوقع أن يحتدم التنافس الصيني-الروسي في أفغانستان.


باكستان قلب المعادلة 


ولفت البحث إلي إمكانية أن تصبح باكستان قلب المعادلة الجديدة في أفغانستان، مبرزاً رفض الصين اقناع باكستان بفك ارتباطها بحركة طالبان، بعد ضغوط أمريكية، خاصة وأن باكستان تري في طالبان أكبر أرصدتها الجيوسياسية في أفغانستان، وعامل توازن في صراعها مع الهند.


ويأتي الدعم الصيني لباكستان وبالتبعية طالبان كونهم ضامني حماية الأراضي الصينية من أي هجوم محتمل، بالإضافة إلي أن الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني يمثل لبكين  قاعدة لربط دول المنطقة عبر مشاريع الحزام والطريق والسيطرة عليها اقتصادياً في المستقبل. 


وفي قراءة للوضع الجيوسياسي يري دكتور بشير أن الصين قرأت المشهد منذ البداية وحافظت على علاقات متوازنة مع كافة القوي،لاسيما وأن طالبان تفتقر لقدرات عسكرية من دفاع جوي، ولن تتمكن من إجراء الصيانة الدورية للأسلحة التي خلفتها أمريكا من وراءها،أو توفير قطع غيار لها، بالإضافة إلي تجميد أرصدتها نتيجة عدم الاعتراف الدولي بها، وأخيراً تعاني الحركة من تدني خبراتها السياسية وحروب مع عدة حركات تختلف معها عقائدياً.


وأكد أن أمريكا في الغالب لديها أكثر من سيناريو، إذا نجحت في ابتزاز الصين تكمل في ذات السيناريو، في حال تغلبت الصين علي الأوضاع الراهنة ستتراجع علي الفور بل وستدعم التحرك الصيني، مؤكداً أن دعم الصين لباكستان رمانة الميزان داخل أفغانستان وتجبر الهند علي تقبل الأمر الواقع.


 أمريكا تعود إلى الطاولة


 الانسحاب الأمريكي من أفغانستان لم يكن وليد الصدفة، يعزز من هذا الاستنتاج تأخر الانسحاب 4 سنوات كاملة، وتسعي القوي الاقتصادية الكبري فرض نوع من الهيمنة لإزاحة الآخر، ما ترجمه إعلان قمة الدول السبع الأخيرة عن جمع تريليونات الدولارات بهدف ضخ استثمارات في البنية التحتية للدول الفقيرة، ما أدانته الصين كونه يقطع الطريق أمام مشروعها، وسارعت بالرد علي البيان الختامي للقمة قائلة«إن الأيام التي كانت تقرر فيها مجموعات صغيرة من الدول مصير العالم قد ولت منذ فترة طويلة»، ما يؤكد بروز الصين كقوة جيوسياسية.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة